الجمعة، 11 سبتمبر 2015

سورة البقرة من آية 196 إلى 199


(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (196))
استكمالاً على الحديث الذي تقدم في الآيات السابقة والتي ابتدأت من آية (198) آية (يسألونك عن الأهلة) حيث كانت تتحدث عن الأشهر الحرم التي يكون فيها حرمة القتال، وحرمتها هي من حرمة الله وحرمة البيت الحرام الذي له علاقة بأداء مناسك الحج، فآية (190) تقول: (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم) وبعدها آية (195) تقول:(وأنفقوا) ، ومن ثم آية (196) والتي تقول: (وأتموا الحج). 

والإتمام : هو انهاء الشيء الواحد حتى الوصول به إلى نهايته، والمقصود هنا الحج أو العمرة الواحدة. والآية تقول:(وأتموا الحج والعمرة لله)، والآيات تتحدث عن منسكين هما الحج والعمرة، و الإحصار هو عدم القدرة على الوصول إلى مكة بأي سبب من  الأسباب ، أما في هذه الآية فتتحث عن خصوصية وضع المسلمين الذين  أحصروا بسبب صد المشركين لهم. وفي المقطع من الآية إشارة إلى أن إتمام العمرة يتطلب هدي.
"فما استيسر من الهدي" تعني أن الهدي المطلوب لم يكن عادياً، تماماً كما طلب التيسير في قراءة القرآن بعد أن ذكر نصف الليل بسبب المرض أو خلافه، فالخوف حصر المؤمنين في أماكن معينه، لذا أصبح لديهم عسر في اختيار الأنسب من الهدي، ولو كانوا خارج الإحصار لأتوا فأفضل الهدي.
من ناحية أخرى فإن أي شيء يمنع من أن يأتي الحاج بالهدي الأنسب فهو إحصار، إلا أننا نفهم من هذا نبحث عن ما استيسر في حالة الحصر، وعلى ضرورة العناية في اختيار الهدي في الحالات العادية. 
والمناسك هي: الحلق والهدي، فإن لم يتمكن من أداء منسك الحلق لأي سبب سواء كان المرض أو الأذى في الرأس، ففدية .
"فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي" : التمتع هو الأكل والشرب، ومن تمتع بالعمرة إلى الحج احتاج إلى هدي، وبهذا الهدي ضعفت حيلته في جلب الهدي المطلوب الذي يحتاجه للحج حين دخل وقت  الحج، وهنا الآية تقول على الحاج في هذه الحالة جلب ما يتيسر لديه من الهدي، وفي هذا سماح وتيسير للحاج بسبب الحالة الخاصة التي مر بها.  
" فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام"
الخطاب لمن تمتع بالعمرة للحج وقد استنفذ أمواله في هذه المتاع، فمن لم يجد مالاً بعد ذلك من أجل إيجاد مااستيسر من الهدي، فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج. " في الحج " أي في أيام الحج والتي تكون في أيام الإعتكاف في البيت.
"وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد" الكلام موجه إلى من حضر البيت بدون أهله، وفي هذا تيسير لمن حضر البيت مع أهله، فقوله تلك عشرة كاملة، أي أن العشر أيام مخصصة بكاملها إلى الحاج الذي لم يحضر معه أهله للمسجد الحرام، وعليه أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع. وهذا يعني أن الذي حضر المسجد الحرام مع أهله فلا شيء عليه لأن في إحضار الأهل مشقة إضافية على الحاج وهنا تيسير له.


(الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِي يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ (197))

كلمة الحج تأخذ معناهنا حسب الموقع الذي تقع فيه، فقوله "الحج أشهر"  تعني أشهر الحج، فمن فرض فيهن "الحج"، أي من فرض على نفسه أداء الحج، "لا فسوق ولاجدال في الحج" :أي أثناء الحج من بدء دخول عرفات.
"الحج أشهر معلومات " : أشهر الحج معلومة لدى الحاضرين في ذلك الزمان في وقت نزول القرآن.
الفرض يكون في أي شهر من أشهر الحج. "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" 
يأمر بعدم الجدال بسبب تجمع الناس في مكان واحد والناس على مذاهب متعددة، فتتعدد الآراء ويكثر الجدال لذا يأمر بإقافه. " في الحج" أي في موقع الحج نفسه. 
"وتزودوا فإن خير الزاد التقوى": من الممكن أن يكون التزود قبل دخول المناسك، أو أن المقصود هو تزود أثناء المناسك، والتزود بالتقوى بالإلتزام بكل أوامر الله سبحانه وتعالى حتى يتمكن من التقوى طيلة الحياة في شتى المواقف.  

(لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ (198))
عرفات هي نقطة انطلاق، وفيها يمكن الاستفادة من تجمع الناس فلا جناح في ممارسة التجارة، وفي ذلك فائدة للحجاج من ناحية توفيراحتياجاتهم. أما المشعر الحرام فهي منطقة يتم الوقوف عندها لذكر الله أي أنها محطة للذكر، ولا ينفع بعد هذه النقطة ممارسة التجارة للحاج.
"وإن كنتم من قبله لمن الضالين" أي من قبل هذا القرآن كنتم لا تعلمون هذه الحقائق الهامة في الحج. لذا يكون التوقف عند المشعر الحرام لشكر الله سبحانه وتعالى على نعمة تبيان المناسك، وفيها يكون استغفار كبير قبل دخول البيت.

(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (199)
"ثم أفيضوا" الإفاضة هي الحركة العفوية التي تنتج في الجموع الكبيرة من الناس باتجاه شيء مقصود في حركتهم . وعبارة "من حيث " تعني ظرف المكان ، وعليه يكون معنى الجملة " ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس" أي من المكان الذي أفاض منه الناس أفيضوا، ولأن كلمة "أفيضوا" سبقتها ثم، سيكون المعنى أنه بعد أن تتحركوا من المشعر الحرام الذي أشارت إليه الآية السابقة، أفيضوا ، وهذه الأفاضة تكون إلى المكان الذي أفاض منه الناس. 
فإذا كانت كلمة الناس تعني الناس الذين معكم في الحج، فهذا يعني وجوب الترتيب للإفاضة وضرورة أن يتقدم فوج فينتظرهم الآخرون دون تدافع وبترتيب يحفظ تعظيم المشاعر، وهذا التنظيم له أثره البالغ والمهم في دخول البيت الحرام، فيكون دخول الناس مرتباً منظماً، خصوصاً إذا علمنا أن منسك الذبح يكون عند البيت الحرام، وهذا يتطلب توالي الحجاج بترتيب وتريث وانتظار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق