السبت، 5 مايو 2018

سورة الأنفال من آية 72 إلى آية 75

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنْ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمْ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72))
تصنف الآية المؤمنين إلى صنفين: الصنف الأول هم الذين آمنوا وهاجروا من مكة ومن غيرها من المناطق الأخرى إلى المدينة المنورة، والصنف الآخر هم الذين من المدينة وهم الذين آمنوا وآوو ونصروا على خلاف الذين آمنوا منهم ولم ينصروا. من فعل الهجرة ومن فعل النصرة أولئك بعضهم أولياء بعض. 
أما الذين آمنوا ولم يهاجروا من المناطق البعيدة فهم ليسوا منكم، وعلى الرغم من ذلك عليكم أن تنصروهم إن استنصروكم  في الدين، والاستنتصار في الدين يعني أن هناك من يحاربهم ويستضعفهم على أساس إيمانهم بدعوة النبي، وأن ينصرهم المؤمنون يعني عليهم أن يحاربوا القوم الذين يستضعفونهم ويحاربوهم بسبب الدين. 
ومن هذا يتبين أن الولاية هي التعاون في نصرة المؤمنين في مواجهتهم في الحرب التي فرضت عليهم من قبل قريش والقبائل المتحالفة معها، والآية تبيّن أنه على المؤمنين أن لا يأخذوا بولاية الذين لم يهاجروا، أو ولاية الذين لم ينصروا.

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73))
وهذا التصنيف هو على الذين كفروا، وهذا تحذير للمؤمنين عموماً وللذين لم يهاجروا بالتحديد فهم عرضة لولاية الذين كفروا، وولاية الذين كفروا تعني نصرتهم في الحرب ضد المؤمنين، وبهذا يكون المؤمن الذي لم يهاجر في وضع ضد المؤمنين الذين مع النبي في المدينة، وقد يعمل بالسر ضدهم ويكون نقطة ضعف على المؤمنين لأن المؤمنين قد يعتبرونه منهم ولكنه في الحقيقة قد تعاضد مع الكفار المعتدين. 
وهنا يقول للمؤمنين إن فعلتم هذا وخرجتم من ولاية المؤمنين وجعلتم ولايتكم بيد الكفار المعادين للمؤمنين وأطعتم أوامرهم لمحاربة أخوانكم المؤمنين، فبهذا تحدث الفتنة، والفتنة هي الوقيعة بين المؤمنين، ويحدث ما يدفع إلى الحرب والقتال فيما بينهم، وإن فعلوا ذلك يكون الفساد الكبير في الأرض، والفساد هنا هو القتل والاقتتال الأهلي الذي يحصل  بين المؤمنين والذي يستمر لفترة طويلة بسبب الفتنة. 

(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوا وَنَصَرُوا أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (74))
وهنا الآية تؤكد على التصنيف المهم، وهو أن من آمن وهاجر وجاهد في سبيل الله وهم الذين في القرى التي من حول المدينة والذين آووا ونصروا من الذين في المدينة نفسها، هم المؤمنون حقًا، وهم من يمكن أن تعطوهم ولايتكم، وهم من يمكن أن تعتمدوا عليهم في الحرب المفروضة عليكم، إذ يمكن أن تعتمدوا عليهم في النصرة بشتى أشكالها، أما البقية فلا يمكن الاعتماد عليهم إذ لا تؤمن منهم الخيانة.


(وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنْكُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (75))

الآية تفتح باب الهجرة والإيواء والنصرة بعد نزول الآيات، هذا من أجل الدقة في التعامل مع المؤمنين، فليس الأمر مقتصراً على الذين هاجروا وآووا قبل نزول هذه الآيات بل هي تفتح الباب لأن يثبت المؤمن إيمانه الحقيقي لهذه الرسالة من خلال جهاده ونصرته وهجرته. وعندما تقول الآية " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله" فهي تتحدث عن ما يكون بسبب الهجرة، فأولى الناس بإيواء من هاجر هم أولوا الأرحام الموجودون في نفس المدينة المنورة، فهذا الذي في المدينة من أقرباءه هو أولى في إيواءه وتوفير مسائل المعيشة التي يحتاجها المهاجر، فهذه الولاية هي ولاية عون ومساعدة.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق