(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ
الرَّحْمَنِ إِنَاثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ
وَيُسْأَلُونَ (19))
الآية تتحدث عن عقيدة قريش في الملائكة حين اعتبروهم إناثاً، والله يصفهم بأنهم عباد الرحمن، ولقد اعتبرت الآية قولهم هذا القول شهادة منهم على الملائكة، ولكن هذه الشهادة جاءت في الإتجاه الباطل وليست شهادة حقيقية والشهادة الحقيقية هي التي تكون شهادة معاينة، لذا فإن الحقيقية هي التي ترد من كتاب الله.
(وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ مَا
لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (20))
والقول يعود إلى قريش الذين عبدوا الملائكة واتخذوهم شفعاء، وادعوا بأن هذه المعتقدات والأفعال هي ما يريده الله منهم، ولو أن الله لا يريد ذلك لما تركهم كل هذه المدة وهذا الوقت من الزمان دون أن يوقفهم، فنسبوا لله أنه راض عن أفعالهم وأن كل هذا بعلمه ومشيئته لأنهم طيلة سنوات وهم يعتقدون ذلك.
(أَمْ آتَيْنَاهُمْ
كِتَاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (21))
هذه الآية تعارض معتقداتهم في الملائكة وأفعالهم الباطلة، بالتساؤل عن وجود كتاب سماوي ينص على ما يعتقدون وما يقومون به، فهل عندكم كتاب ينص على تلك المعتقدات وتلك الأفعال؟ وهل هم متمسكون بهذا الكتاب لذا فهم متسمكون بهذه العقيدة؟
(بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا
آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ (22))
لكن الأمر ليس كذلك، وإنما هو كما يقولون أنهم وجدوا آباءهم "على أمة" على تعلق بما هم فيه يأتمون بمن سبقهم، يعتقدون ويفعلون كذلك فساروا هم خلفهم وجعلوا من الأثر الذي تركه الذين من قبلهم وسيلة للاهتداء، ولكن خابت تلك الطريقة.
(وَكَذَلِكَ
مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلاَّ قَالَ
مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ
مُقْتَدُونَ (23))
وهذا هو ديدن كل القرى التي أرسل الله إليها رسل من قبل، فإذا جاءهم الرسول يدعوهم إلى هدى الله ردوا عليه بأنهم على هدى الأولين سائرون ولايمكنهم تبديل ماهم عليه، على أساس أنه وارد ممن سبقهم فلا يمكنهم أن يخطئوا من سبقهم.
(قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ
آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24))
فإذا رد عليهم الرسول بأن يتفكروا في المضمون بدلاً من أن يتعلقوا بالموروث، ردوا بالكفر بما جاء به الرسول، فلا سبيل للتفكير فقد تعقدت العقول بما هي عليه وقدست ماضيها فلا يمكنها التغيير.
(فَانتَقَمْنَا
مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25))
وكانت النتيجة أن انتقم الله منهم لعدم تقديرهم لله ولكلماته ولرسالاته، وبدلاً من أن يقدسوا الله آثروا بدلاً عن ذلك أن قدسوا آباءهم فحقت عليهم عاقبة المكذبين لرسالات الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق