(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4))
المعنى العام للسورة : من أجل أن تقع الألفة بين قريش بعضها البعض، ومن أجل أن تتآلف كما تتآلف في رحلة الشتاء والصيف، عليها أن تعبد رب هذا البيت، ثم تذكرهم الآية بنعمة الإطعام ونعمة الأمن الذي من الله به على المسجد الحرام.
في السورة حقيقة تاريخية هي أن لقريش رحلتان هما رحلة الشتاء والصيف، ويبدو من السورة أن لهتين الرحلتين أهمية بالغة بالنسبة لقريش، والله سبحانه وتعالى يذكر قريش "القبيلة" ذاكرا اسمها وكأن لها أهمية بالنسبة للدين، فمن أين اكتسبت قريش هذه الأهمية؟ يبدو أن قريش هي قبيلة ممتدة من عمق انتماءها إلى نبي الله إبراهيم (ع) فبعد أن أرسى نبي االله إبراهيم قواعد البيت وأسكن من ذريته بواد غير ذي زرع، دعا نبي الله إبراهيم أن يكون من ذريته من يكون وصياً على الملة من بعده، وأن يكون هذا البيت آمناً وأن يرزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر، وفي هذه الآية تذكير بهتين النعمتين اللتان دعا بهما نبي الله إبراهيم وتحققتا لقريش.
عندما يقول الله سبحانه وتعالى موجهاً الخطاب لقريش " فليعبدوا رب هذا البيت" فهل قريش لا تعلم من هو رب هذا البيت؟ أليسوا أبناء إبراهيم؟ أليسوا على ملته؟ كيف يكونوا جانب البيت ولا يعلمون من هو رب هذا البيت؟ من هنا يمكن أن نفهم أن العبادة التي تقصدها الآية هي عبادة الإنصياع للأوامر الربانية التي يمكن أن تكون قريش قد انحرفت عنها مع الوقت، فهي تعلم من هو رب هذا البيت، وتعلم بأصالة انتماءها لنبي الله إبراهيم، وما هي أساسيات الملة؟ ولكنها انحرفت عنه، ومن هنا فإن الآية تذكر هذه القلبية التي ينتمي لها النبي محمد (ص) بهذه النعم من أجل الانصياع لأوامر الله سبحانه وتعالى وعدم الانحراف عن الملة الأساس.
وفي الآية تبرز حقيقة ربانية قرآنية يمكن أن نجدها مسايرة لنا في معظم آيات القرآن وهي حقيقة ارتباط العبادة بالنعم، فهناك علاقة حقيقية بين النعم والاعتراف بها وبين صرف العبادة، وهناك علاقة أيضاً بين الكفر بمعناه العام، والكفر بالنعمة بمعنى عدم نسبة النعم لله، والتذكير بالنعم مقتضاه أن يتذكر الإنسان من هو السيد المنعم، وعليه فإن الطاعة للسيد وليس لغيره، فمتى ما انصرف العبد إلى طاعة غير الله ومتى ما وجد في نفسه تعظيماً لكلام غير الله فهو بالنتيجة قد وجد أن النعم التي من حوله هي من منعم آخر ويكون بهذا قد نسى نعم الله عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق