الخميس، 16 يناير 2020

سورة الحديد من آية 12 إلى آية 15

(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمْ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (12) يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ (13) يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمْ الأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (14) فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمْ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15))

في هذا المقطع الشريف تتحدث الآيات عن اليوم الذي سينال فيه المؤمنون المنفقون أجرهم على ذلك الإنفاق، متى ؟ يوم ترى المؤمنين والمؤمنات نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم، يصفهم وهم يسيرون والنور يشع من جوانبهم، والبشرى تتلقاهم بالفوز العظيم بالخلود في جنات تجري من تحتها الأنهار، في ذلك اليوم يُرد لهم قرضهم، ويأخذون جزاء ذلك القرض بالأجر الكريم من الرب الرحيم، جزاء لهم لأنهم آمنوا بآياته ورسالاته وكلماته. 

ثم تتحدث الآية الشريفة (13) عن فئة أخرى من المؤمنين وقعت في النفاق، وتعطي الآية صورة في الآخرة تعبر عن واقع الحياة التي عاشوها، فالمؤمنون والمؤمنات في الأمام ومن خلفهم مؤمنين ولكنهم نافقوا في الحياة الدنيا، ويقولون لهم يوم القيامة (انظرونا نقتبس من نوركم) لا تتعجلوا في المسير فنحن من خلفكم ونريد أن نلحق بكم ولكن النور ملازم معكم، فلا تتركونا فلا نور لدينا يضيء الطريق، في تلك اللحظات يسمعون المنادي يقول لهم (ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا) ها هو النور من خلفكم تعالوا للخلف، يرجعون ليأخذوا نوراً من خلفهم وإذا بالسور يضرب بينهم وبين الذين آمنوا، يعودون من جهة المؤمنين فإذا بالسور يعلو ويحجبهم عن المؤمنين، يرون بابًا في ذلك السور، ولكن حين يتجهون للباب يشاهدون النيران تأتي من قبل ذلك الباب، أما من جهته الأخرى من جهة المؤمنين ففيه الرحمة، ( له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب). 

هذا المشهد يجسد حال المؤمنين في الحياة الدنيا، حين آمنوا جمعياً في آن واحد، ولكن فئة منهم لم تأخذ الإيمان بقوة فضعفت ووقعت في النفاق، ولهذا ينطلق النداء من قبل المنافقين إلى جهة المؤمنين في الجهة الأخرى من السور، ( ينادونهم ألم نكن معكم )؟ ألم نؤمن جمعياً، وكنا في الحياة الدنيا جماعة واحدة؟ ( قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم) لم يفتنكم أحد، أنتم الذين ارتكبتم هذه الخطيئة في حياتكم وفتنتم أنفسكم، أوقعتم أنفسكم في الفتنة، ذهبتم لها بأرجلكم، (وتربصتم وارتبتم) لم تثقوا في الله ولا في كلماته، وتربصتم بالرسول وبالمؤمنين وظننتم أنهم اغتروا بهذه الرسالة ووثقوا في رسولهم أكثر مما ينبغي وساروا خلفه وعلى أمره على عمى "حسب ظنكم"، ولكن الحقيقة أنكم متربصون بهم، مرتابون فيما جاءكم من الحق، ( وغرتكم الأماني حتى جاء أمر الله وغركم بالله الغرور). 

لقد كنتم تدعون للإنفاق في سبيل الله في الحياة الدنيا، لقد دُعيتم لإقراض الله قرضًا حسناً، وحين لم تفعلوا وقعتم في النفاق، وجئتم في الآخرة بهذه الحالة، ( فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير) فبماذا تفدون أنفسكم اليوم، وقد كان مجال الفدية في الدنيا من قبل مفتوح أمامكم؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق