(أَلا تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ
وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ
(13))
الآية تحث المؤمنين على قتال المشركين المعتدين المحاربين للمؤمنين، بعد فترة من الحديث عن طبيعة العهد والميثاق الذي هو بين المؤمنين والمشركين، وبعد أن فصلت الآيات وحددت أن نكث الإيمان من قبل المشركين لابد أن يكون له ردة فعل من قبل المؤمنين، والآن الآية تتحدث عن وقوع حدث نكث العهد، وبدأت الآية بالقول " ألا تقاتلون " وهو حث على اتخاذ الإجراء اللازم والطبيعي في حال تم نقض العهد ويجب أن يكون المؤمنين على مستوى الحدث، ويذكرهم بما كانوا يفعلوه من قبل حين أخرجوا الرسول من مكة، وعلى أنهم هم الذين بدأوكم في القتال ولستم أنتم، فحق عليهم القتال، وهو حق لكم أن تقاتلوهم بعد كل هذه الاعتداءات وبعد نقض العهود والمواثيق.
(قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمْ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ
وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14))
الآية تؤكد على وجوب قتال المؤمنين، وتعدهم بالنصر والغلبة عليهم، فالعذاب هو القتل الذي يمارسه المؤمنون تجاه هؤلاء المشركين إن هم قاتلوا، ويصيبهم بالخزي أمام بقية الأعراب فهم الذين تعالوا على المؤمنين وأعلو شأنهم واستصغروا المؤمنين، "وينصركم عليهم" هذا وعد الله بأن الله ناصر المؤمنين إن هم بدأوا بقتالهم، " ويشف صدور قوم مؤمنين" هذا الشفاء مما أصيب به بعض المؤمنين من هؤلاء المشركين فهم موتورون منهم لأنهم أعملوا القتل في أقاربهم وأصحابهم فقط لأنهم مؤمنين.
(وَيُذْهِبْ
غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
حَكِيمٌ (15))
"ويذهب غيظ قلوبهم" الضمير هنا عائد للمؤمنين الموتورون وهم الفئة المؤمنة من الأوائل الذين أصيبوا من المشركين بكثير من الإيذاء والقتل، والآية تخاطب الفئة المؤمنة التي لحقت بهم والذين لم يتخذوا موقف العداء مع المشركين مع كل ما يعلمون عنهم من عداوة واعتداء تجاه المؤمنين، فقتالهم يشف صدور المؤمنين الموتورين منهم والذين تجرعوا الأذية منهم والقتل طيلة عقود.
"ويتوب الله على من يشاء" يتوب الله بعد ذلك على من يشاء من المؤمنين بعد أن يستجيبوا لأمر الله، فيتوب الله عليهم عن خطئهم في عدم الاستجابة واعتباراتهم الخاطئة تجاه المشركين، " والله عليم حكيم " الله يعلم بما في الصدور وحكيم في أوامره، ولربما كان لهذه الكلمة امتدادها لما سيحدث في المستقبل.
(أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ
الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلا
رَسُولِهِ وَلا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
(16))
الله سبحانه وتعالى هنا يكشف حقيقة ما آل إليه بعض المؤمنين الذين ضعف إيمانهم وتطبيقهم لأوامر الله مع الوقت، ويبدو أن هؤلاء حديثي الإيمان مع الوقت تداخلوا مع المشركين الأعداء، والمشركون يرغبون في تصيد هؤلاء الأشخاص الذين يميلون نحو القوة المادية وقوة الموجاهة من أجل إضعافهم واستمالة قلوبهم نحوهم، وبالتالي إضعاف جهة الرسول.
الله سبحانه وتعالى بعد فترة من الزمان وبعد أن شعر المؤمنون أن المسألة بينهم وبين المشركين تكاد تكون شيء قديم، الله يحدثهم عن مخالفتهم لأوامره في هذا الشأن. والمشكلة في هذا الشأن هي أن من يقترب من عدوه تصعب عليه مواجهته ويجالسه ويداخله وتتداخف في قلبه مودة له فإن هذا الوضع يضعفه في أمر مواجهته، والآية تقول للمؤمنين الذين ضعفوا في هذا الجانب: هل كان في حسبانكم أن الله يترككم لتضعفوا أمام هؤلاء دون أن يحاسبكم الله ودون أن يخبركم بأفعالكم هذه، وعندما تقول الآية " ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم " هو جهاد النفس ومقاومة شهوتها في شؤون الدنيا لأن المشركين هم أصحاب دنيا ولديهم كل هذه القوة لمن أراد الدنيا ومكانتها وأموالها من تجارة وعلاقات.
" ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله وليجة" اتخذوا بالتعامل وبتهوين قاعدة اجتناب العدو في الدين وتجنب من يناهض دعوة الله سبحانه وتعالى، " والله خبير بما تعملون" الله يخبر حقيقة العلاقة وما مآلها وما تأثيرها في نفس كل فرد منكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق