الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

سورة البقرة من آية 111 إلى آية 117

(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ (111))
تخصيص الجنة هو إحساس يطغى على الفرق التي تميز نفسها، هؤلاء المدعين بأن الجنة خاصة لهم أنفسهم الذين كرهوا إيمان المؤمنين.
وفي هذه الآية هناك كلمتين بارزتين هما الأمنية والبرهان، فالأمنية هي تمني الجنة بدون عمل وقبول ذلك من خلال نصوص كاذبة لا ترقى إلى مقام البرهان، ومنه نفهم أن العقيدة لا تبنى على مقولات وأمنيات وإنما على برهان من عند الله الذي هو في الكتاب.
(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (112))
في هذه الآية توضيح لحقيقة لمن ستكون الجنة، إنها ليست لطائفة أو لمذهب دون آخر وإنما ستكون لمن أسلم وجهه لله وهو محسن.

(وَقَالَتْ الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113))
الآية متعلقة بسابقتها "بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن" فالجنة ليست مختصة بطائفة دون أخرى وإنما هي مختصة لأولئك الذين أسلموا وجوههم لله بالإحسان. و كانت اليهود تقول أن النصارى لست على شيء بمعنى أنهم ليسوا على أساس سماوي حقيقي، وكذلك قول النصارى لليهود بالمقابل بأنهم ليسوا على شيء أي أنهم ليسوا على أساس سماوي صحيح ، والرد على هذا: "وهم يتلون الكتاب" كيف لا يكون اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب، وكيف لا تكون النصارى على شيء وهم يتلون الكتاب، مادام الكتاب بين أيديهم فهم على شيء وهم على أساس صحيح. وهنا يرفض القرآن الكريم أن يلغي كل طرف الطرف الآخر على أساس طائفي ومذهبي والكتاب موجود، لأن الكتاب هو أساس الدين، ففي إلغاء من أساسه الكتاب إلغاء للكتاب.
"كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم" : هذا هو قول الجهلاء الذين لايعلمون، الذين يضيقون رحمة الله على طائفتهم أو مذهبهم دون أن يدركوا السعة الواسعة للرحمة وكيف يتعامل الله سبحانه وتعالى مع البشر، فقط لأنه يختلف معه في الرأي.
"فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون" : الحكم لله سبحانه في الإختلافات التي تسبب فيها تركهم للكتاب السماوي واللجوء لغيره.

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114))
خراب المسجد هو عكس إعماره وهو بوجود الناس الذاكرين فيه على الدوام دون انقطاع، وهذه الآية تشير إلى أن هناك من منع آخرين من دخول بعض المساجد لأسباب قد تكون طائفية أو مذهبية كما تقدم الحديث في الآية السابقة، والتي تشير إلى أن الإختلاف في الدين تسبب في إلغاء الآخر.
وفي منع الناس من دخول المساجد يتسبب في خرابها، وهو ظلم كبير في حق الدين، لذا توعد الله سبحان وتعالى أولئك المفسدين بالخزي في الدنيا والعذابب العظيم في الآخرة.

(وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115))
الآية متعلقة بالآيات السابقة، والآية تتحدث عن الاتجاه وتعطي أول موضوع للقبلة، فأينما تولي وجهك يمكنك أن تؤدي الصلاة، إن الله واسع عليم: الله موجود في كل مكان لا يخلو منه شيء. 
فثم وجه الله: إينما تتوجه فهناك وجه الله سبحانه وتعالى.

(وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ (116))
الولد هو مقام مفترض لدى أهل الكتاب يصل له حسب ما يعتقدون بعض علماؤهم أو ينسب له بعض الأنبياء والله سبحانه وتعالى يرفض هذا الإدعاء، وهذا المقام كما يبدو يخول له أن يشرع في الدين، أي أنه يملك كما يملك الله سبحانه وتعالى.
له مافي السماوات والأرض كل له قانتون: الكل داخل مملكة الله، فلا يحق لأحد أن يشرع كما يشرع الله سبحانه وتعالى.
كلمة سبحانه :هي تنزيه لله عما يقولون، فإذا قيل قول يقلل من مقام الله نقول كلمة سبحانك.

(بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (117))
في الآية السابقة تقول "له مافي السماوات والأرض" وهذه الآية تتحدث عن الإبداع في في الكون و الإبداع هو تكوين الشيء من غير أن يسبقه إليه أحد، وهنا ارتباط وثيق بين الألوهية وبين التشريع، ونقض الألوهية لأي أحد أعطي هذه المكانة من خلال إرجاع ملكية السماوات والأرض لصاحبها وهو الله سبحانه وتعالى فهو صاحب القرار والشرع.
النبي عيسى أو غيره من المخلوقات إنما هو كلمة من كلمات الله سبحانه وتعالى حيث أنه قال كن فكان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق