السبت، 5 ديسمبر 2015

سورة البقرة من آية 164 إلى آية 167

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164))
التأمل شيء مطلوب وضروري للمؤمن ويبعث الشعور بالخشية من الله سبحانه وتعالى، من الضروري أن نخرج من قوانين الفيزياء ونتأمل فيما وراءها، علينا أن نمعن النظر في آيات الله فهناك أوان للثمر وهناك  اختلاف لليل والنهار والفلك التي تجري بما ينفع الناس وإنزال من السماء للماء وكلها آيات من عند الله سبحانه وتعالى .
"بما ينفع الناس" : في هذه الكلمة إشارة ضمنية على أن العمل بما ينفع الناس هو من الأعمال المطلوبة للمؤمن، نفع الناس غاية من غايات العبد المؤمن.


تأمل : 

لماذا اهتم الناس بتدبير شؤون الكون؟ لأن الإنسان اهتم بالإنسان، طبقة رأت نفسها أنها استُخدمت وتشعر بالإهمال، أما الذين يشعرون بأهمية أنفسهم، ويشعرون بضرورة التفكير في الدين، فليست مشلكتهم التي يبحثون عنها أن الله حق، ولكن تكمن مشكلتهم وتفكيرهم في أنه هل تسود أنت عليّ أم أنا الذي أسود عليك؟ وهذا أفقد الناس توجههم نحو الله والتوجه للإله والتأمل في مخلوقاته.

(وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165))


ذكرت سورة البقرة سابقاً وفي بدايتها: "لا تجعلوا لله أنداداً " ، هؤلاء يعرفون الله معرفة حقيقية ولكن مشكلتهم أنهم أعطوا غير الله شيء من المحبة. الحب أساس في التعامل مع الله، وتكمن المشكلة هنا أننا أوجدنا ند لله في الحب. الحب ليس ممنوع وكل إنسان يحب الشخص الذي يعطيه،ولكن المشكلة أن نجعل الحب الذي لغير الله أكبر.
إذا تعطي هذه الآية معيار حقيقي في رؤية مقدار الإيمان الذي ندعيه لله، فما لم يكن الحب الأكبر له سبحانه بدون مزاحمة فنحن أمام مشكلة الندية لله. 
وهذه الندية هي باب الكفر بالله، ويمكن أن يكون الحكم في الشرع أحد أسبابها، والذي تتولد عنها مشكلة التابع والمتبوع. فأغلب الناس تعظم جهات أخرى غير الله، والآية تخاطبهم "ولو يرى الذين كفروا أن القوة لله جميعاً" والقوة لله في كل شيء، في الشفاعة والحكم وفي كل ما يملك. 
المحبة الحقيقية تأتي من المعرفة والثقافة التي أشارت إليها الآيات السابقة ، والحب يتجسد في العمل وليس في القول  وحسب، فإذا عمل إلى جهة أكثر من عمله لجهة الله فإن الحقيقة أن حبه لؤلئك الأنداد ، وبالتالي يمكننا أن نقول أن الذين آمنوا أشد حباً تعني أنهم أشد عملاً لله. 


(إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوْا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمْ الأَسْبَابُ (166))

إذ : عندما تأتي فهي تربط بوقت محدد وكذلك بموضوع سابق، والموضوع السابق في الآية التي تسبقها، والوقت هو يوم القيامة. وبالتأمل نجد أن المتبوعين هم أشخاص غير الأنداد الذين جُعلوا، في الغالب يكون الند من العباد الصالحين، والمتبوع هو أحد آخر يحث على ذلك العبد الصالح، ويستغل أسم العبد الصالح والذي يكون متوفى. والتبرأ في الآية يدل على التابعية بعدم التفكير. وعندما رأوا الحقيقة ورأو القوة، تبرأوا من الأنداد، وتقطعت بهم الأسباب، فلا يوجد لديهم في ذلك اليوم حلول، ومن يجعل بينه وبين السماء سبباً تتقطع  به الأسباب.


(وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمْ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّارِ (167))

التابعين هم عموم الناس ويتبرؤون يوم القيامة من المتبوع، وكما أشرنا في الآية السابقة قد يكون الأنداد أبرياء من هذا الإتباع، وأن الذي تسبب في هذه الندية هم المتبوعين. وفي لك اللحظة يتبرأ المتبوع لكي لا يتحمل وزره في تلك العقيدة وذلك الحب، والآية تقول "وماهم بخارجين من النار" دلالة على  قوة المعصية. وهذه الآيات هي مقدمة للأحكام التي سيذكرها الله سبحانه في الآيات اللاحقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق