السبت، 26 ديسمبر 2015

سورة البقرة من آية 189 إلى آية 195

تتحدث الآيات الشريفة عن اعتداء الذين يحقدون على الدين، لأن النبي محمد (ص) وأتباعه يحملون فكرة ومن يقالتهم هو يقاتل هذه الفكرة ، لا من أجل تحرير منطقة جغرافية محددة. والله سبحانه وتعالى في هذه الآيات يعطي المؤمنين قواعد التعامل مع هذا الإعتداء.  


(يَسْأَلُونَكَ عَنْ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (189)) 

لماذا سئل الرسول عن الأهلة؟ ما ارتباط ادخلوا البيوت من أبوابها بالأهلة؟ 
ربما يكون هناك محفز للسؤال، فقد يكون السبب هو الاهتمام بالدين؟ ومن الممكن أن يكون النبي قد أمر بالإستهلال، فكان هذا دافعاً للمسلمين بأن يسألوا هذا السؤال. فكانت الإجابة في تحديد مواعيد الناس والحج. 
وقد يبرز هنا تساؤل آخر وهو : لماذا لا يقول رمضان؟ لماذا تكون أهمية المواعيد بالنسبة للحج فقط ؟ وقد تكون الأهمية لها علاقة بالأشهر الحرم. أما البيوت فلها بيوت فدخول البيت من غير بابه خطأ، وفي هذا توافق مع تعريف بداية الشهر.
ولكن استكمال الآيات يوضح أن هناك أشهر حرم لها بداية ولها نهاية، ولهذه الأشهر أهمية بالغة في حرمة القتال، الذي هو أحد المحرمات الخاصة بالبيت الحرام من أجل الحج.


(وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (190)) 

متى نقاتل في سبيل الله؟ وما هو سبيل الله؟ الآية تؤكد أن لا تبدأ بالإعتداء، أن لا تبدأ بالقتال، فالله لا يحب المعتدين.


(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)) 

كان الحديث عن المواقيت للناس والحج، وهذه الآيات تتحدث عن القتال وفي هذا إشارة إلى ارتباط القتال بالحج والمواقيت، أي حرمة القتال في الأشهر الحرم والتي هي أشهر الحج نفسها. 
وضعت الآية ميزان في الإعتداء، أخرجوهم من حيث أخرجوكم، وفي هذا إشارة إلى أن الجهة المعتدية أخرجت المسلمين.وفي قوله "والفتنة أشد من القتل" في الحقيقة أنه لا شيء أشد من القتل، فهو جرم كبير ولكن الفتنة هي التي تجعل من القتل شيء دائم من خلال التصفية الطائفية والعرقية.
ويؤكد حرمة الأشهر الحرم بارتباطها بالمسجد الحرام، حيث أن الآية تقول "ولا تقاتلوهم عند المسجد  الحرام" إذاً لدينا حرمة مسجد حرام وأشهر حرم. الفرق بين كلمتي قاتل واقتل، كلمة قاتل تقال في المواجهة ، وعندما يقول اقتل: تعني تصفية فلا يفلت هذا الشخص، "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي يجب متابعتهم حتى القتل. الآية تقول "أخرجوهم من حيث أخرجوكم" نحن نعلم أن المؤمنين هاجروا من مكة إلى المدينة، وهم الذين أُخرجوا من ديارهم. 
"فإن قاتلوكم فاقتلوهم" في نفس المسجد الحرام ابتغي قتله، هو الفتنة وهو ما يشير إلى عدم فهم الواقع، فصاحب الفتنة والذي يؤدي بالقتل إلى الآخرين يقتل ولايبقى. والآية تحدد الفترة الزمانية وهي أنها من بعد الفتح.


(فَإِنْ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (192))



(وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنْ انتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ (193))

تؤكد الآية على المؤمنين بضرورة قتل الجهة المعتدية من أجل إيقاف الفتنة، فعلاج الفتنة هو قتل رؤوس الفتنة، وكما يقال اصطياد الحية لا يكفي ولكن قطع رأسها. لا يفيد أن تقتل القاتل وحسب بل يجب قتل مصدر القتل. الفتنة التي يخشى منها هو أن يدعي من يريد التغلب على المؤمنين وعلى الدين التدين من أجل أن يتمكن،  ومن ثم يأمر بقتل المؤمنين ويصفيهم. 
"ويكون الدين لله" عندما يكون الدين لله فلا دخل لأحد في الأمر والنهي، والعكس صحيح أي عندما لا يكون الدين لله يأتي من يدعي الدين ويقول نريد أن نفعل كذا، بإسم الدين، فيخرج الدين من أمر الله وحده فيأمر في الدين فيجاب.
"فلا عدوان إلا على الظالمين" الظالمين هم الذين اعتدوا على المؤمنين.


(الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (194))

" الشهر الحرام بالشهر الحرام " هذه الآية متعلقة بالآيات السابقة وهي حالة حرب وتتحدث عن الاعتداءات مع الأقوام المعتدية على المسلمين، من يعتدي عليك في شهر حرام ينتهك حرمة الشهر فيحق للمسلمين انتهاك الشهر الحرام مع المعتدي. 
"والحرمات قصاص" إذا اعتدى عدوك في حرمة معينة فاقتص منه في نفس هذه الشيء.
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" هذا ميزان الإعتداء وهو التماثل، وهنا تكون قوة المؤمن في صدقه وفي ردع المعتدي، فإن اعتدى أحد من الأعداء في شهر محرم فهو لم يرعى لهذا الشهر حرمة، والآية تقول لابد وأن تنقض أمانه كما نقض أمانك بنفس المقدار وفي نفس الشهر.أما الضابط في مثلية الاعتداء فهو التقوى لذا تختم الآية بقوله تعالى " واعلموا أن الله مع المتقين"

(وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195))
" وأنفقوا في سبيل الله " الآية مترابطة مع الذي سبقها من الآيات والتي كانت تتحدث عن القتال، و الإنفاق مخصص في موضوع القتال.
" ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" بعدم الاستجابة لأمر الإنفاق، وإن أحسنتم أحسنتم لأنفسهم في موضوع الإنفاق بصورة عامة وفي الإنفاق في موضوع القتال بصورة خاصة " إن الله يحب المحسنين" 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق