(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183))
الكتابة هي أمر وفرض من عند الله سبحانه وتعالى، وهو مكتوب على الذين من قبلنا من أهل الكتاب ، والغرض من الصيام هو الوصول إلى التقوى. والتقوى مبنية على الامتناع والتحرز من الوقوع في الحدود الربانية، والصيام هو عبارة عن امتناع عن الحلال، وإذا تمكن الإنسان المؤمن على الامتناع في فترة محددة فهو قادر على الامتناع في فترة أطول والتي تمتد إلى بقية حياته.
لماذا قيل في هذه الآية " كما كتب على الذين من قبلكم"، والسؤال: كل الأشياء التي كتبت على الذين آمنوا بالقرآن الكريم، هو نفسه مكتوب على الذين من قبل وهي من صلاة وحج وكذلك بقية العبادات، ولكن قيلت هنا بسبب الخصوصية التي يحملها الحكم بخصوص أن لأهل الكتاب مكتوب عليهم أيام معدودات، وهو ذاته ما يكتب هنا في هذه الآية. هو ذاته ما كتب على الذين أوتوا الكتاب من قبل، ولكن صيام شهر رمضان فرض لنزول القرآن الكريم.
(أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184))
"أياماً معدودات" هي عدد محدد من الأيام، وإذا نظرنا إلى الأمر على أنه في زمن النبي سنرى أن ذلك الأمر موجود لدى أهل الكتاب، الآية لم تحدد الموعد، ولكنها محددة عند أهل الكتاب.
مع التدقيق والمقارنة في هذه الآيات، سنجد اختلاف للحكم في هذه الآية عن آية شهر رمضان، حيث نجد في هذه الآية فسحة في الإفطار ولكن لا يوجد نفس الفسحة في آية رمضان.
كما تشير هذه الآية أن هناك فدية طعام مسكين فمن تطوع خيراً فهو خير له، أي أنه يمكن أن يفدي لكل يوم عن الإفطار بطعام مسكين أو أكثر. وما يؤكد ذلك هو قوله: "وأن تصوموا خيراً لكم إن كنتم تعلمون" حيث أنه يمكن الإفطار على خلاف شهر رمضان المبارك.
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185))
أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم في شهر رمضان الكريم، يبين الله سبحانه وتعالى أن شهر رمضان أنزل فيه القرآن وأمر بصيامه بغرض شكر النعمة، الشهر محدد ومحدود فأي يفطر فيه يصام بسبب المرض أو السفر يكون إتمامه في أيام أخرى، والآية تبين أن الغرض من ذلك أن الله يريد اليسر ولا يريد العسر.
وقوله لتكملوا العدة : أي أن أمر الله سبحانه وتعالى بكمال عدد أيام الشهر، ولتكبروا الله على ماهداكم ولعلكم تشكرون، أي هو الغرض من هذا الصيام.
(وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِي فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186))
نلاحظ هنا أن الدعاء ذكر بعد الصيام، وهذا يرشدنا إلى أن الصيام أحد مقدمات الدعاء المهمة فنجعله وسيلة للتقرب لله بغرض الدعاء من أجل أي أمر من أمور الدنيا.
"لعلهم يرشدون" الرشاد في تحقيق المطالب التي يطلبها الإنسان من الله سبحانه وتعالى بالدعاء، فهو سبحانه الوسيلة الحقيقية لتحقيق المطالب، فإذا اهتدى الإنسان للدعاء وجعله جسراً لتحقيق تلك المطالب فقد وصل للرشد.
لقد أجاب الله عز وجل في هذه الآية على السؤال للناس، ولم يرد للرسول من أجل أن يجيب الناس، لأن الله سميع مجيب للناس، ويتعامل معهم مباشرة. والآية تقول: "فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي" أي ليستجيبوا لي في ما آمرهم حتى أستجيب لهم في فيما يدعونني إليه.
(أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187))
الرفث كلمة خاصة في تحريم الحلال بشكل مؤقت لظرف محدد، استخدمت هنا لتشير إلى المباشرة أو ماقبل المباشرة، حيث أن الامتناع عن الرفث هو امتناع عن المباشرة بالضرورة كما تبين ذلك الآية الشريفة.
أما فيما يخص التوبة ، فالآية توضح أن أول خطوة في التوبة هي توبة العبد، ثم تكون توبة الله عليه .
وتشير الآية إلى أن لا يحرم المؤمن ما أحله الله سبحانه وتعالى " وابتغوا ماكتب الله لكم" .
يتكون الصيام من فترتين فترة سماح في الليل وفترة امتناع في النهار.الآية تتحدث عن اتمام الصيام إلى الليل، فهي تحدد نهاية الصيام، وتكون بالرجوع إلى النقطة التي بدأ فيها، وهي بداية الليل، وبذلك يكون الصائم قد أتم يوماً كاملاً.
اليوم يبدأ من الليل عند غروب الشمس، وليلة الصيام:هي الليلة التي تسبق نهار الصيام، الذي سيمتنع فيه المؤمن عن الطعام والشراب والمباشرة وحتى الليل.
وتبيين الآيات يؤدي إلى التقوى كما يشير إليه ذيل الآية، وبداية الآية يشير إلى أن المؤمنين كانوا على وضع محدد فاستحدث أمر جديد، وهو أن المباشرة كانت محرمة عليهم في الصيام. ومختصر فهم الآية هو أن مباشرة النساء ليلة الصيام حلال، ومباشرتهن أثناء الاعتكاف غير جائز.
1- "أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم"
وللآية علاقة بموضوع تبديل الآيات، وهو أن هناك آية سبقت هذه الآية كانت حرمت المباشرة ليلة الصيام وتم تبديلها بهذه الآية التي تحمل حكماً جديداً مخففاً.
الرفث هو مباشرة النساء، وهو مباح ليلة الصيام.
2- "علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم "
كلمة "علم الله" تشير إلى أن مباشرة النساء ليلة الصيام لم يكن مباحاً قبل هذه الآية، فهي توضح مبرر تبديل الحكم فقد كان المؤمنون يختانون أنفسهم، ويؤكد هذا المعنى كلمة "فالآن" في المقطع التالي.
3- "فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر"
الآية تحلل مباشرة النساء ليلة الصيام، وتؤكد الحلية بكلمة ابتغوا ما كتب الله لكم، وتضيف حلية الأكل والشرب حتى يتبين الخيط الأسود من الخيط الأبيض من الفجر.حيث يبدأ صيام الامتناع.
4- " ثم أتموا الصيام إلى الليل "
5- " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد"
الاعتكاف هو المكوث في المسجد، ولا يمنع ذلك من عيادة المنزل. والاعتكاف في المسجد لا يعني عدم الرجوع للمنزل، ولكنه فترة متواصلة يمكن للمؤمن فيها المراوحة بين المنزل والمسجد، والأكل والشرب.
6- " تلك حدود الله فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون"
هذا بيان لآيات الله وتوضيح لحدوده في الصيام ،و التقوى تتجسد في عدم الاقتراب من تلك الحدود.
(وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (188))
أولاً: موضوع الآية
حرمة أكل أموال الناس بدون وجه حق،ومثال ذلك الربا أو في عدم سداد الدين مع القدرة ، أو الإحتيال، أو الإستيلاء على أموال الاخرين بالتسلط كما في هذه الآية.
ثانياً:مقاطع الآية
"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"
كلمة أكل المال تأتي في الباطل
"وتدلوا بها إلى الحكام"
الدلو هو إيصال الشيء إلى طرف آخر لغرض الفائدة، ودلو المال هو إيصاله لطرف آخر هو الحاكم في هذه الآية، وهوالذي يمتلك السلطة أو الصلاحية ، كالقضاة أو الحكام العرفيين، وهم الذين يحكمون ولهم مناصب تنفيذيه في المجتمع وأصحاب نفوذ يسيرون أمور الناس في المجتمع."لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون"
الغرض من إدلاء المال للحاكم هو الاستفادة من سلطته للإعتداء على فريق من أموال الناس والإستيلاء عليه. بالإثم أي بالاعتداء.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (184)).
أولاً : ملخص
كتب على المسلمين صيام أيام معدودات محددة الوقت والعدد، كما كتبت على أهل الكتاب من قبل نزول القرآن.وهي أيام يمكن إفطارها بفدية.
ثانياً: المقاطع
1- " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام "
كتب عليكم الصيام بمعنى الفرض مع السعة في عدم التنفيذ بعذر.
كتب على المسلمين صيام أيام معدودات محددة الوقت والعدد، كما كتبت على أهل الكتاب من قبل نزول القرآن.وهي أيام يمكن إفطارها بفدية.
ثانياً: المقاطع
1- " يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام "
كتب عليكم الصيام بمعنى الفرض مع السعة في عدم التنفيذ بعذر.
2- " كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون "
تخاطب المسلمين أهل القرآن بأن هذا الصيام مفروض على الذين من قبلكم من أهل الكتاب.
3- " أياماً معدودات "
محددة العدد
4- " فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر"
صيام الأيام المعدودات محددة الزمان، فمن يفطرها لأنه مريض أو على سفر عليه أن يعتد من أيام أخر.
5- "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين"
من يرغب إفطار هذه الأيام مع وجود الطاقة لديه على الصيام وبدون عذر،فعليه فدية طعام مسكين عن كل يوم.
6- " فمن تطوع خيراً فهو خير له "
التطوع في زيادة الفدية.
7- "وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون"
الخطاب موجه لمن يرغب في الإفطار مع وجود الطاقة على الصيام، فالصيام خير .
3- " أياماً معدودات "
محددة العدد
4- " فمن كان منكم مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر"
صيام الأيام المعدودات محددة الزمان، فمن يفطرها لأنه مريض أو على سفر عليه أن يعتد من أيام أخر.
5- "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين"
من يرغب إفطار هذه الأيام مع وجود الطاقة لديه على الصيام وبدون عذر،فعليه فدية طعام مسكين عن كل يوم.
6- " فمن تطوع خيراً فهو خير له "
التطوع في زيادة الفدية.
7- "وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون"
الخطاب موجه لمن يرغب في الإفطار مع وجود الطاقة على الصيام، فالصيام خير .
كلمات ذات صلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق