(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ ۖ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ۖ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11))
حرف الشيء هو حده أو طرفه، كحرف السكين هو حدها القاطع، وحرف الجبل هو جانبه الذي إن وقف عليه أحد كاد أن يسقط، وبمثله الإيمان، له طرف، وهو بداية الإيمان الذي إن وقف عليها أحد كاد أن يسقط من ذلك الإيمان وأن يقع في واد الكفر بقوة الله وبالغيب، والله سبحانه وتعالى يريد من المؤمن أن يكون قويًا في إيمانه فلا يقف على بداية الإيمان بل عليه أن يستمر في تقوية هذا الإيمان حتى يصل إلى منطقة الأمان التي لا تتأثر بزازل الإيمان، ويكون ثابتًا في الفتن.
لو شبهنا الإيمان بقمة جبل دائرية الشكل، فإن محيط هذه الدائرة هو حرفها، ولو وقف على هذا الحرف أحد كان معرضًا للسقوط خصوصًا مع هبات العواصف أو وقوع الزلازل، ولكن إن كان هذا الشخص واقفًا في وسط هذه الدائرة فإنه وصل إلى منطقة الأمان من السقوط.
الآية الشريفة تتحدث عن هؤلاء الناس الذين لا يتحركون في تقوية الإيمان، فيعبدون الله على حرف، عبادة سطحية لا تيسير بهم نحو إتمام نور الإيمان في قلوبهم، ولا توصلهم إلى منطقة الثبات، حيث القوة في الإيمان، والقوة في العباد، لذا أتمت الآية الشريفة مؤكدًا هذا المعنى بقولها واصفة هذا الذي يعبد الله على حرف (إن أصابه خير اطمأن به) يكون مطمئنًا في علاقته مع الله وفي عبادته، مادامت حياته تسير في الخيرات وكما يحب،(وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) إذا لم تكن الأمور تسير على خير كما هو يريدها ويهواها أن تكون انقلب على وجهه أي مال بوجهه عن الإيمان وظن الظنون السيئة في الله، وسقط في الفتنة وابتعد عن الإيمان الذي كان يتحرك به في عبادته، وذلك لأن إيمانه كان ضعيفًا لا يقوى على أي امتحان في الإيمان، وبهذا يكون قد خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق