الجمعة، 24 يناير 2020

سورة التوبة من آية 1 إلى آية 7

1- ( بَرَاءَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (1))
هي براءة من الله ورسوله من أفعال المشركين ومن ديانة المشركين ومما يفعلون والذي لا يمت للدين بصلة، فهذا الذي هم عليه ليس من الدين في شيء، أن أتبرأ من شيء يعني أن أخلي صلتي به كمن يتبرأ من ولده لأنه ارتكب ما يخالف ماهو عليه من قيم ومن مبادئ ومن قيم، ولكي نفهم هذه البراءة نحتاج إلى خلفية وهي الإجابة على سؤال: من هم المشركين؟ المشركين هم المأتمنون على المسجد الحرام، وهذه الأمانة تعني أمانة على الدين، وهذا يعني هو إلغاء إلى إمامة الدين. وبهذا فإن الله سبحانه وتعالى يلغي إمامة المشركين لمخالفتهم الفاضحة لملة إبراهيم ولأنهم ليسوا عليها، ومن يخرج من هذه الملة لا يحق له أن يمثل هذه الملة أمام  الناس ولا يحق له  أن يمسك زمام المسجد الحرام. 
وقوله تعالى " إلإ الذين عاهدتم من المشركين" هي  براءة من المشركين، ولكنه عندما قال إلى المشركين فيقصد أن هذه البراءة يجب أن تصل كرسالة واضحة إلى المشركين أنفهسم. هي رسالة من الله إليهم، والله سبحانه وتعالى :  هذه براءة من الله ورسوله من أفعال المشركين ولأن المسألة لها علاقة بالدين. وقوله " الذين عاهدتم  من المشركين" يعني أن المؤمنين عاهدوا المشركين قبل أن تحدث هذه البراءة، والمعاهدة تكون على أساس وجود اعتداء من طرف المشركين. 

2- (فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2))
الآية السابقة تقول : " إلى الذين عاهدتم من الشركين" تعطي دلالة على أن هذه الآية رسالة يجب أن تبلغ إلى المشركين أنفسهم، تتمة الرسالة هي أنكم يجب عليكم أن تسيحوا أي أن تبتعدوا عن هذه المنطقة الجغرافية التي أسمتها الآية الشريفة "الأرض" وحدود هذه الأرض هي كل الحدود التي يكون للمشرك المعتدي قدرة على الاعتداء على المؤمنين مرة أخرى، ولذا كان عليهم أن يخرجوا ويبعدوا من الأرض وخصوصاً مركز الدين وهو مكة المكرمة.
وهناك فرصة متاحة وهي " أربعة أشهر " وهذه المدة تدل على أنها في بداية الأشهر الحرم بدليل الآية (5) والتي تقول "فإذا انسلخ الأشهر الحرم"، وانسلاخ الأشهر الحرم هو بلوغ نهايتها، فهذه الآية تشير إلى هذه الأربعة أشهر وتقول للمشركين المعتدين " واعلموا أنكم غير معجزي الله" لن تستطيعوا أن تغيروا مسار الأحداث كما تتصورون، واعلموا أن الله "مخزي الكافرين" بأنه سيخزيكم يوماً ما.

3-  (وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرْ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3))
هذا إعلان من الله إلى الناس بأن الله بريء من المشركين، والبراءة تعني أن إلغاء العلاقة إلغاء الصلة التي تربط هؤلاء بالدين، والناس متأثرون بهؤلاء المشركين كونهم أئمة المسجد الحرام، الإعلان إلى يوم الحج الأكبر اليوم الذي يكون فيه الناس مجتمعون في أكبر عدد حتى يصل الإعلان للجميع، "أن الله بريء من المشركين ورسوله". 
" فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم" الخطاب موصول إلى المشركين، أنكم إن تبتم عن القتل والاعتداء على المؤمنين فهو خير لكم، وأن مساركم الذي تسيرون لن يؤدي إلى النتيجة التي تريدونها.
"وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله" يخاطب فيه المشركين، إن توليتم وواصلتم الإعتداء فاعلموا أن الله سيتمكن منكم وأنكم لن تعجزوا الله في أن يتمكن منكم ويقضي عليكم. 
الحج الأكبر هو الحجة التي حجها النبي محمد (ص) والتي حضر فيها كل الذين آمنوا بعد الفتح، وانتشر فيها الدين في جزيرة العرب. هذه هي الحجة الكبرى، فإذا هناك حجة صغرى، وبقية أيام الحج في الأشهر الحرم في أربعة أشهر، من أراد الحج يفرض على نفسه الحج في الأشهر الحرم. الأشهر الحرم من الأشياء الثابتة. 


4- " وبشر الذين كفروا بعذاب أليم" بشر هؤلاء الذين كفروا بعذاب أليم. (إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4))

ويستثنى من ذلك الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً، أي لم ينقصوكم شيء من المعاهدة التي تمت بينكم وبينهم ولم يعتدوا عليكم، "ولم يظاهروا عليكم أحداً" أي لم يتعاونوا مع غيركم من أجل قتلكم، فهؤلاء أتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم التي تعاهدتم معهم فيها، لأنهم لم يخلفوا المعاهدة. 


5- (فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5))

" فإذا انسلخ الأشهر الحرم" بداية الإعلان كان بداية الأشهر الحرم، والأشهر الحرم هي أربعة أشهر متواصلة متصلة لذا قالت الآية إذا انسخلت الأشهر الحرم لأنها متصلة فهي تنتهي وتنسلخ.
"فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " : يجب مقاتلة المشركين أين ما وجدتموهم في الأرض التي تصلون إليها، ومن الطبيعي محدودية وصول المؤمنين لكل المناطق، وبالتالي فالحكم في حدود منطقة جغرافية.
" وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد" هذا يعني المحاصرة من كل اتجاه، لا يكفي أن تقتلوهم حين ترونهم فقط، ولكن يجب المبادرة في محاصرتهم من أجل قتلهم والتخلص.


6- (وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (6))

" وإن أحد من المشركين استجارك" في حال طلب أحد من المشركين المهدور دمهم الإجارة عند أحد من المؤمنين فالله سبحانه وتعالى يسمح له بذلك، " فأجره حتى يسمع كلام الله"، أعطه إجارته حتى يسمع كلام، أسمعه ما أنزل الله لأنهم قوم لا يعلمون ما أنزل الله وإنما يقاتلون دون علم، وهو يقاتل دون علم بحقيقة ما أنزل الله وإنما هو يقاتل تبعاً لاتباعه لأئمة الكفر. 
" ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون" بعد أن يسمع كلام الله وهو مجار لديك، أبلغه مأمنه اجعله في مكان آمن، ذلك بأنهم قوم لا يعلمون تعقيباً على قوله تعالى "حتى يسمع كلام الله".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق