الجمعة، 7 فبراير 2020

سورة النساء من آية 92 إلى آية 94

(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92))

الآية تتحدث عن كفارة القتل الخطأ من قبل مؤمن، هذه الآية تتحدث عن بيئة الحرب، لا تتحدث عن القتل الشخصي، ولكن الآية تتحدث عن حالة الحرب التي هي بين المؤمنين وبين المنافقين.

ولأن الآية السابقة تتحدث عن قتل المنافقين في أي مكان يجده الإنسان، وأي موقع يثقف فيه المؤمن هذا المنافق، فالعملية هي عملية قتل وليست قتال، لأن المؤمن كان مترصد للمنافق، وتبيّن سابقا أن هذا المنافق المقصود بالقتل هو منافق معتدي وليس منافق نفاق إيمان وحسب.

 الآية الشريفة تتحدث عن الإجراءات التي تؤخذ على المؤمن وعلى الجماعة المؤمنة في هذه الظروف إذا تم قتل أحد المؤمنين بصورة خاطئة أثناء استهداف قتل أحد المنافقين بالترصد، فوقوع هذا الحدث له ارتباط بثلاث عناصر هم: القوم الذين قتل منهم هذا المؤمن، والجهة الثانية هي الكفارة التي يجب أن تُقدم من هذا المؤمن حتى تقبل توبته لعدم تثبته من حقيقة إيمان هذا المقتول. 

أما من جهة القوم الذين ينتمي إليهم هذه المؤمن فلهم حالتين، إما أن يكونوا أعداء، أو ليسوا أعداء، فإن كانوا أعداءً فلهم حالتين، الحالة الأولى هي أن يكون لهم عهد مع المؤمنين، أو ليس لهم عهد مع المؤمنين، إن كان بينهم وبين المؤمنين عهد فلهم الدية، لأن المؤمنين عاهدوهم على أن لا يقتلوا منهم أحدًا، أما إذا لم يكن بينهم وبين المؤمنين أي ميثاق فليس لهم الدية، لأن الحرب قائمة بينهم، وهنا تؤكد الآية الشريفة على إيمان هذا المقتول ( فإن كان من قوم عدو لكم وهومؤمن).

أما من ناحية الكفارة فعلى المؤمن كفارة توبة من الله، وهي تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.


1- " تحرير رقبة مؤمنة "
يقصد الرقاب المؤمنة بالرسالة في زمن الرسول أي التي آمنت بالنبي محمد (ص).

2- "ودية مسلمة إلى اهله"
دفع مبلغ إلى أهل المقتول.

3- "فمن لم يجد"

لم يجد مالاً ينفقه لتحرير رقبة مؤمنة، فعليه بالصيام.


( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93))
تعقيب على الآية السابقة أن القتل الذي تم سابقًا هو  من خلال التعمد، وفي  هذا استغلال لحالة الحرب في تصفية حسابات خاصة بصورة شخصية، بحيث يدعي القاتل أنه إنما كان قتله خطأً وليس بالقصد، ولكنه في الحقيقة يعلم ومع ذلك تعمد القتل، وتوارى في ظل هذه الظروف من أجل أن لا يؤخذ بهذه الجريمة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94))
وهنا تأمر الآية الشريفة المؤمنين بضرورة التبيّن أثناء ضربهم في الأرض وهي الحركة في الأرض والابتعاد عن أصل موطنهم في سبيل الله بقصد تنفيذ أمر من أوامر الله، كالهجرة أو قصد قتل المنافقين المعنيين في آية المنافقين السابقة ( الآيات قبل 91). 
الله سبحانه وتعالى يريد أن يغلق جميع الثغرات في الحكم حتى لا يتم استغلال الحكم بصورة شخصية من أي اتجاه، بحيث يستغل بعض المؤمنين الذين في قلوبهم مرض حالة النفير من أجل ترصد المنافقين وقتلهم،  أن يقتلوا أي شخص بهذا العنوان لمآرب شخصية، من ضمنها المغانم التي تؤخذ بعد قتل المنافق، والآية الشريفة تبين للمؤمنين أنهم في حالة تمكن الآن، فلا يستغلوا حالتهم هذه من المكنة في فرض القوة على الآخرين وعدم الاعتبار لهم، فلا تأخذهم العزة والتسرع، بل يجب التبين وعدم التسرع في أخذ الآخرين وقتلهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق