الجمعة، 29 يناير 2021

سورة العنكبوت من آية 5 إلى آية 7

 (الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3) مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (6) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (7)) 

" أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون"، تساؤل استنكاري يشير إلى غفلة الناس عن الفتنة في الإيمان، وعندما تقول الآية "أن يقولوا" فإنها تؤكد أن الإيمان ليس بالقول فقط، ولابد من اختبار يبين حقيقة هذا الادعاء. 

الفتنة هي اسم هذا الاختبار، والفتنة تحصل عندما ينشغل قلب المؤمن بشيء غير الذي صدق به، فللإيمان قواعد وقوانين، وللحياة التي نعيشها قوانينها المادية المشاهدة، والمشاهد المحسوس يفتن الإنسان عن الغيب، فهل يصمد إيمان المؤمن ويثبت في الشدائد والامتحانات التي تشده بعيدًا عن إيمانه؟ فإن ثبت سيكون حينها صادق فيما ادعاه بالقول.

" ولقد فتنا الذين من قبلهم، فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"

قد نتصور أن الفتن أصبحت جزء من الماضي، وأننا بمنأى عن هذا الأمر، ولكن الحقيقة أنها سنة ربانية جارية على كل من دخل الإيمان وادعى بلسانه أنه مؤمن، ولقد جرت هذه السنة على الأولين وستجري على اللاحقين أيضًا حتى يعلم الله الذين صدقوا في ادعاءهم ويعلم الكاذبين، فالصدق في القول يثبته العمل. 

"من كان يرجو لقاء الله" لأن هناك من يرجو لقاء غير الله يوم القيامة، قد يكون رغبة في لقاء نبي أو ولي أو ملاك من أجل أن يأخذه إلى الجنة وينقذه من النار من خلال الشفاعة أو غيرها، ولكن المؤمن رجاءه هو لقاء الله عز وجل، فمن كان يرجو هذا اللقاء " فإن أجل الله لآت" حتمًا، سيأتي هذا اللقاء، " وهو السميع العليم" يسمع دعاء الإنسان ويعلم مافي قلبه وحقيقة إيمانه. 


" ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه" جهاد النفس في المسير إلى الله، في العبادة لله وفي تغيير حال الإنسان لينتقل إلى حال الإيمان الحقيقي. "إن الله لغني عن العالمين" الله غني عن الناس فإن لم يؤمنون به ولم يجاهدوا في دينه حق الجهاد فالله ليس بحاجة لهم.


" والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنكفرن عنهم سيئاتهم" هؤلاء الذين سيُكفر الله عنهم السيئات، هم الذين جاهدوا وعملوا الصالحات لا لغيرهم، " ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون" .


يجب أن نتعلم من هذه الآيات وخصوصاً من خلال قوله تعالى " إن الله لغني عن العالمين" أن الله سبحانه وتعالى لا يحابي أحد، ويريد قوة في الإيمان، فالواجب على المؤمن أن يأخذ موضوع الدين والإيمان بالغيب بقوة، وأن يجعله في أعلى مواضيعه في الحياة، وأهم مشاريعه، فإذا وقع في الفتنة فهذا بسبب تهاونه وليس بسبب أن الله فتنه أو أن الله لايريده أن يكون مؤمنًا. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق