(فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ (13) وَحُمِلَتْ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً (14) فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ (15) وَانشَقَّتْ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ (16) وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (17) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ (18))
كلمة ذات معنى مرعب تحتاج أن يتوقف عندها الإنسان طويلًا، هي قوله تعالى: "يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية"، بعد المشهد الكوني الذي تعرضه الآيات السابقة من نفخ الصور ودك الأرض والجبال في حملة واحدة، ثم انشقاق السماء ونزول الملائكة ونزول عرش المحكمة الإلهية معهم، بعدها تأتي دور هذه العبارة المخيفة التي تحمل صورة المحاسبة الدقيقة المكشوفة.
الخافية، التي خفي شأنها عن الناس أجمعين لا يعلمها إلا صاحبها وهي في نفسه لوحده، لا يعلم بها إلا الله، وفي ذلك اليوم تنكشف كل الحقائق، الآية الكريمة تقول: " تعرضون " أي يعمل منكم عرض يراه الملائكة والناس، الجميع يرى حقيقة هذا الإنسان ولن يستطيع أن يخفي شيء من مساوئه كما كان في دار الدنيا.
يعيش الإنسان البعيد عن الحقيقة بقناع مزيف، يُخفي مساوءه وذنوبه وآثامه للآخرين بمهارة فائقة، وقد يُظهر المحبة لكنه يُخفي خلف تلك المحبة حقد دفين وضغينة مخبوءة خلف ابتسامة صفراء..وقد يُظهر الود لكنه يتستر على حسده الذي يأكل جوانب قلبه.. وهكذا يعيش الحياة الدنيا بحقيقتين متناقضتين يُظهر فيها كل جميل ويدس القبح عن أعين الناس خلف الستار، وهو لايعلم أنه محاسب على ذلك القبح وتلك الآثام والذنوب المخبوءة والمستترة، ومحاسب على عدم سعيه في إصلاح نفسه، وتحويل ظاهره الجميل إلى شيء حقيقي مطابق للباطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق