الجمعة، 10 ديسمبر 2021

سورة الرعد من آية 19 إلى آية 26

 ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (19) الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24) وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25) اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ (26) ﴾ 

في الآيات الكريم مقارنة بين من يوفي بعهد الله وبين من ينقض العهد، فإذا علمنا أن العهد هو الكتاب المنزل، فإن المشكلة عند الفريقين متلخصة في التمسك في كتاب الله، هناك فرقة تتمسك به وأخرى لا تتمسك به وتشك فيه. 


﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ﴾  (19)

هل يستوي الذي يعلم أن هذا الذي بين يديك هو الحق والذي لا يرى الحق، ولأنه حق إذًا هو منزل من عند الله، وقد استخدم لفظة "ربك" للإشارة إلى حقيقة الربوبية التي فيها الرعاية وتشتمل على الهداية، وفيها إشارة مضادة إلى الطرف الآخر الذي لا يرى هذه الربوبية ولا يشعر بها لذا يكفر بأي حقيقة تشير إليها.

ولقد وصف الذي لا يرى الحق بالعمى، وقد شغله شكل الرسول بدلًا من النظر إلى مضمون الرسالة، فالرسول بشر عادي، أما مضمون الرسالة فهي حقيقة تلامس القلب أنه لا يمكن أن يصدر إلا من عند الله، ولذا ختمت الآية بقولها "إنما يتذكر أولوا الألباب"، أي إنما يرى هذه الحقيقة الربانية إلا أولئك الذين ينظرون إلى لب الأشياء لا إلى شكلها الظاهري، فالب هو الحقيقية التي تؤكد أنه من عند الله، أما الشكل فهو شكل الرسول العادي الذي لا يكاد يصدقه أحد. 

هذه العبارة تعطي دلالة لوجوب أن  يتعامل المؤمن مع الله بشكل مباشر حتى يعلم حقيقة هذا الكتاب، 

﴿ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ ﴾ (20)

هذه الآية تصف "أولوا الألباب" بأنهم يوفون بعهد الله، وعهد الله هوالكتاب المنزل، وفي هذا إشارة إلى أن المخاطبين هم أهل كتاب وانقسموا إلى فرقتين فرقة تمسكت بكتابها وفرقة ابتعهدت عنه، والتمسك بالكتاب المنزل هو الوفاء للعهد، ثم تختم الآية بقولها: " ولا ينقضون الميثاق" هي مواثيق الكتاب التي واثقهم الله عليها أن لا يتخذوا من دون الله أندادًا، ولا يقولون على الله إلا الحق، ولا يبتعدوا عن مواثيقهم التي واثقهم الله بها. 


﴿ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ ﴾  (21)

وتضيف هذه الآية صفة أخرى لأولي الألباب الذين يؤمنون بما أنزل على محمد من قرآن، وهي أنهم يصلون ما أمر الله به أن يوصل، والذي أمر الله به أن يوصل هو الحق الذي جاءهم في كتبهم السماوية، فهذا الحق يجب أن يصل إلى الناس، يجب أن يعلم الناس أن الله يؤيد ما جاء به النبي محمد، وأن القرآن مصدق لما بين يديه. 

ثم تختم الآية بصفة أخرى: " ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب"، لذا يبلغون ما تعلموه من الكتاب، ولذا هم يؤمنون ويذعنون بما أنزله الله على النبي محمد ويؤمنون أنه الحق من عند ربهم.


﴿ وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ﴾  (22)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق